يتوقع البنك الدولي في أحدث إصدار له من تقرير "موجز الهجرة والتنمية" أن تكون التحويلات إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل قد ارتفعت بقوة بنسبة 7.3بالمائة لتصل إلى 589 مليار دولار في عام 2021.
وتشير التقديرات الواردة بالتقرير الصادر اول أمس، إلى أن هذه العودة إلى تحقيق النمو أكثر قوة من التقديرات السابقة وتأتي بعد انخفاض طفيف في حجم التحويلات لم يتجاوز 1.7% في عام 2020 على الرغم من الركود العالمي الحاد الناجم عن تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19)، مما يؤكد مرونة تلك التدفقات في مواجهة الصدمات.
ومن المتوقع أن تنمو التحويلات إلى البلدان النامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة تقدر بنحو 9.7% في عام 2021 لتصل إلى 62 مليار دولار، مدعومة بعودة النمو في البلدان المضيفة في الاتحاد الأوروبي (لاسيما فرنسا وإسبانيا)، والزيادة في أسعار النفط العالمية التي أثرت تأثيراً إيجابياً على دول مجلس التعاون الخليجي.
ويرجع الفضل في هذه الزيادة إلى التحسن القوي الذي شهدته التدفقات الوافدة إلى مصر (12.6% إلى 33 مليار دولار) والمغرب (25% إلى 9.3 مليارات دولار)، والهجرة العائدة والهجرة العابرة على التوالي، ولعب ذلك أدواراً مهمة في تحقيق هذه النتائج الإيجابية.
وبالنسبة الى اتجاهات الإقليمية للتحويلات اظهر التقرير، ارتفاع حصيلة التحويلات إلى بلدان المغرب العربي (الجزائر والمغرب وتونس) بنسبة 15.2%، مدفوعة بالنمو في منطقة اليورو.
لكن التدفقات انخفضت إلى العديد من بلدان المنطقة في عام 2021، ومنها الأردن (تراجع بنسبة 6.9%)، وجيبوتي (تراجع بنسبة 14.8%)، ولبنان (تراجع بنسبة 0.3%).
وابرز ذات التقرير ان التحويلات في بلدان المنطقة النامية شكلت منذ وقت طويل أكبر مصدر لتدفقات الموارد الخارجية فيما بين تدفقات المساعدات الإنمائية الرسمية، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتدفقات أسهم رأس المال والديون.
ومن المنتظر أن تسجل التحويلات في عام 2022 ما نسبته 3.6%، وهو من أبطأ معدلات النمو، وذلك بسبب المخاطر الناجمة عن جائحة كورونا. وبشأن تكاليف التحويلات في المنطقة فقد تراجع متوسط تكلفة إرسال 200 دولار إلى المنطقة إلى 6.3% في الربع الأول من 2021 نزولاً من 7% قبل عام.
ومن جانب اخر، ووفقاً للتقرير، من المتوقع للسنة الثانية على التوالي أن تتجاوز تدفقات التحويلات إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل (باستثناء الصين) مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساعدات الإنمائية الخارجية، وهو ما يؤكد أهمية التحويلات في توفير شريان حياة حيوي من خلال مساندة إنفاق الأسر على توفير ضروريات الحياة مثل الغذاء والصحة والتعليم خلال فترات المصاعب الاقتصادية في البلدان الأصلية للمهاجرين.
وكشف التقرير أن التحويلات سجلت نمواً قوياً لهذا العام في معظم المناطق، حيث زادت التدفقات بنسبة 21.6% في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، و9.7% في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و8% في جنوب آسيا، و6.2% في أفريقيا جنوب الصحراء، و5.3% في أوروبا وآسيا الوسطى. وفي شرق آسيا والمحيط الهادئ، انخفضت التحويلات بنسبة 4%، رغم استبعاد الصين، حيث سجلت التحويلات في المنطقة زيادة لم تتجاوز 1.4%.
وفي أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، كان النمو قوياً على نحو غير عادي بسبب التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة وعوامل أخرى، منها تفاعل المهاجرين مع ذويهم خلال الكوارث الطبيعية في بلدانهم الأصلية وكذلك التحويلات المُرسلة من بلدانهم الأصلية إلى المهاجرين العابرين.
ووفقاً لقاعدة بيانات البنك الدولي لأسعار التحويلات في العالم، ظلت تكلفة إرسال 200 دولار عبر الحدود الدولية مرتفعة للغاية، حيث بلغت في المتوسط 6.4% من المبلغ المُحول في الربع الأول من عام 2021، وتزيد هذه النسبة عن ضعفي النسبة المُستهدفة في أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وهي 3%.
وتُعد تكلفة إرسال الأموال إلى إفريقيا جنوب الصحراء (8%) الأعلى على مستوى العالم، في حين كانت تكلفة الإرسال في جنوب آسيا (4.6%) الأدنى، لتكشف البيانات ايضا ارتفاع التكاليف في العادة عند إرسال التحويلات عبر البنوك مقارنة بالقنوات الرقمية أو من خلال شركات تحويل الأموال التي تقدم خدمات إرسال واستلام الأموال نقداً.
ومن المتوقع أن تواصل التحويلات نموها بنسبة 2.6% في عام 2022 تمشياً مع تنبؤات الاقتصاد الكلي على الصعيد العالمي. وتشكل الموجات الجديدة للإصابة بفيروس كورونا وإعادة فرض القيود على التنقل أكبر مخاطر الهبوط على آفاق النمو العالمي والتوظيف والتحويلات القادمة إلى البلدان النامية.
وقد يؤدي إنهاء برامج التحفيز المالي ودعم التوظيف، في الوقت الذي تتعافى فيه الاقتصادات من الأزمة، إلى إضعاف تدفقات التحويلات.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 19/11/2021